الحياة بين أيدينا على شاكلة قطعة ثلج..تتساقط قطرة قطرة..أوعلى هيئة حفنة رمل تتسلل بين أصابعنا حبة حبة.. مهما تمسكنا بها..فهي ماضية في عمق المجهول.
منذ عقود من الزمن حاول ولازال يحاول العديد من المفكرين والعلماء إعطاء الحياة وعاء زمنيا تقاس به لكن..رغم العديد من الإجابات والنظريات يظل السؤال مطروحا أمام الأجيال القادمة..فالحياة للوهلة الأولى تبدو مقتصرة على ما يسمى (بالأمس).. وهو زمن عشناه سلفا ولن يتأتى له أن يعود من حيث رحل..وما نسميه (اليوم).. وهو واقع حاضر نعيشه ..الا أنه أبدا أبدا لن يدوم.. لن يطول ..لن يستمر..وهناك (الغد) وهو زمن غير مضمون لأنه غيبي ولانعلم مايخفيه لنا ..لذلك عندما انظر لهذه الحياة بعين المتأمل المتريث ..بمعنى أنني عندما أحاول إعمال الفكر والتعقل ..عندما أحاول السير وفق منهاج حكيم يجعل الحكمة عنوانا..والخيرهدفا..والإنسانية غاية..أقول لنفسي صافح..اغفر..تجاوز..سامح.. تنازل..
قريب هو سفر اللاعودة..قريبة هي الرحلة المحتومة..علي أن أسامح من أساء إلي لحظة أوزمنا..دون قيد أو شرط..لأنه بحقيقة الأمر تصالح حتى مع الذات.
في المدارس نتلقى الدروس شروحا وأسئلة ..ثم يختبروننا..لكن الحياة على النقيض فهي أولا تمتحننا ثم تعلمنا الدرس..ممكمن أن تكون الحياة طويلة.. كما يمكن أن تكون قصيرة للغاية..فالمسألة مرتبطة أساسا بالطريقة التي نحاول أن نحيا بها..لو عدنا ننقب عن سر حياة من نجحوا لاكتشفنا أن حياتهم كانت تعج مشكلات وصعوبات وإخفاقات..وهي بحقيقة الأمر أشكال..قوة خرافية ..دوافع مباشرة للنجاح والفوز..لذلك ينبغي أن نومن بأقدارنا بطموحاتنا.. برغباتنا ..أن نملأ صدورنا بهواء المحبة..وبعبير التسامح..أن نتسلح بالإيمان والصبر..فعقيدتنا تدعو إلى الصفح الجميل..والعفو النبيل..والمعاملة الحسنة .
وبالتالي فالغاية المنشودة هي حياة انسانية قائمة على الطمأنينة والعدل والإنصاف.. هي الخير والحب..إلا أن المشاعر الإنسانية الحميدة من حب وخير ورأفة تحتاج إلى الكثير من الوعي والحس.. تحتاج إلى تلمس الذوق والأدب.. تحتاج إلى تنفس اللطف والعطف..تحتاج إلى تمثل سلوك الصدق والوفاء..وتحتاج إلى تبادل التقدير والاحترام..بل تحتاج لكل هذه القيم الأخلاقية الانسانية جمعاء.
لأنه كلما كبرت بداخلنا ..بوعينا هذه القيم الأخلاقية ..أصبحت لنا القدرة على التصالح والتنازل الإيجابي..أصبحت لنا القدرة على التزين والتجمل بالابتسامة النورانية..دون مقابل.
لنطلق العنان لفراشة النور والمحبة السجينة بصدورنا لتسبح بفضاءات الخير والفضيلة.
أشكر متابعتكم..مودتي الدائمة.
صباح17\09\2022
