Uncategorized

..القصيدة ثمرة حفل زواج ..بين الواقع والخيال

لاشك أن الشعر مند بداياته كان من أهم الفنون التي عرفتها المجتمعات..فهو بلاشك يمثل تلك الشعلة الوضاءة التي أنارت درب الحضارة الإنسانية.. والمرآة العاكسة للإبداع الإنساني عبر التاريخ..نعم إنه ذلك الإبداع والتصور القادم من عالم الخيال.. ليعانق الشاعر الذي يملك موهبة فطر عليها.. أو اكتسبها من خلا ل حب القراءة والكتابة..ومن خلال رهافة الحس..ومن خلال الحس العالي بالجمال..ومن خلال القدرة على ترجمة هذه الأحاسيس وماترفل به من حيوية وحركية تفاعلية..يصبح خلالها الشعور كغبار بارود مضغوط فينفجر كلاما ليس كالكلام ..وتعبيرا ملكيا يرقى فوق كل شيء..وعندما نوفق وننتج مجموعة من القصائد يتولد عند القارئ سؤال به نغمة فضول عالية المقام..هل قصائدك هي مجموعة تصورات خيالية أم هي بحق واقع أتث تجاربك الحياتية..؟ وهذا السؤال طرح علي مرارا وتكرارا..لدرجة أنا بدوري أصبح يخالجني سؤال مضاد..وما الغاية والفائدة من الجواب على هذا السؤال..لدرجة أشعر وكأن أحدا يريد الزج بيده في جيب سروالي أو سترتي بحثا عن مصادري الخصوصية.

أنا على يقين بأن الواقع هو الأساس هو الأصل هو المنبع في أعلى قمة الإبداع..لكنه بعالم  الأدب يعتبر نقلا ونسخا معيبا مشوها..في حين الخيال هو ذلك الإطار الذهبي الفائق الجمال الذي يحيط بالواقع..فينزع عنه ثوب الرداءة ولو في أبسط وأدق تمظهراتها .. ويمنحه الجمالية والاستمرارية..ويضفي عليه هالة من الاشراق..تجعلنا ننجدب للعمل الابداعي..ونعجب به..وعلى هذا الاساس فعنصر الخيال الذي يحلق عاليا في سماء النص الإبداعي..يترك ملمحا راقيا بالعمل الشعري..وبالتالي إن انصهاره في كيمياء النص يضفي عليه صفة الشرعية..ويمنحه الحركية المتنامية..وبالتالي الحياة..لأن الخيال يمنح المبدع مساحة شاسعة غير مسيجة.

القصيدة بنظري هي نتاج حفلة زواج بين الواقع والخيال..والعاطفة هي المصابيح المزركشة التي تضيء..مكان الحفل..وبدونها سيخيم الظلام الحالك ونفقد الرؤية الجلية والتصور النابع من عن عمق العمق..فالقصيدة بمناى عن الخيال والعاطفة لن تنجب شعرا ..لكنها قد تنجب نظما..توليفا وفق مقاسات معينة ..جافة..تكاد تكون ميتة..فالشاعر قد ينقل لنا صورة لمشهد بمكان ما لنقل مثلا جزر الباليار..لكن قدماه لم تطئها..حتما ستكون هذه القصيدة وليدا معاقا..فالخيال وحده بلاواقع وبلا عاطفة تحضنه سيكون كلاما صامتا..كلاما جافا..لاحلاوة ولا لذة.. ولامتعة وبالتالي لا إمتاع ..والشاعر الذي ليست له القدرة على نقل واقعه بعين الخيال وعين العاطفة لن يستطيع ابدا ترجمة واقع الاخر..وبالتالي فالشعر شعورواحساس وتفاعل وتاثير وتاثر..بمعنى يجب الحرص على مراعاة الافصاح عن الرموز الداخلية للروح وتجسيدها واقعا عبر قناة الكلمات الشفافة..هذه الكلمات التي التي تظهر كالشرارة بموجب الالهام الداخلي للشاعر..فتكون الفرصة السانحة لتوظيف مقومات وادوات الابداع الشخصي..وبالتالي فرصة لاشباع الشغف الشعري ..فالإلهام حدث مؤقت قد يأتي حالا أو يتأخر أو يغيب لفترات..كما أنه صيغة من الحدس نصل بواسطته إلى حالة الاستبصار.

أسامة الحنشي

2024.08.20

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *