..رحيق الإبداع يسكن صدري
فلا أتنفس غيرعبق الحرف ..وعمق اللون..
في صباحات أيام العطل أغتنم الفرصة وأحاصر الزمن وأعتبره ملكا لي..
لايشاركني فيه عمل إداري ولا أعباء مكتبية ..محكومة بضوابط وقوانين رسمية..لذلك أبوح لفنجان قهوتي بما يخالج ذاتي قي محاولة إبداعية لنص أو لوحة فنية.
فالتعبير عن الذات من خلال الإبداع يعتبرمن أكثر الأشياء فاعلية .. حيث نترجم ما بدواخلنا .. ونفرج عن مواهبنا ..ونطلق العنان لأحلامنا .. ونمنح لأرواحنا حيزا واسعا على ضيقه ..وضيقا على رحابته.. لتستريح وتريح.. وهي بذات الوقت مجال لإدراك قدراتنا..ووضع بصمة بسجل مهاراتنا الحياتية.. سواء كانت رسما أو كتابة..لونا.. سردا.. تأملا ..حلما.. خيالا ..أملا.. فأنا أفعل ذلك كلما آنست في نفسي رغبة وشوقا ..وكلما صاحبت ذاتي فنا وذوقا.. وكلما استمعت للنداء عمقا..
أعود لأقول بأني أومن بأن التعبير عن الذات من خلال الشعر ومن خلال بوابة الرسم .. هو شكل من أشكال الراحة والترويح عن النفس واستعادة القوة الروحية والجسدية..بل واستعادة التوازن ..فإذا كان الشعر هو الحياة.. فإن الفن هو كتاب هذه الحياة وسجلها الكوني.
إن ممارسة الفن .. وتمثله وعيشه وبالتالي إدراجه كبرنامج يومي إلى جانب أساسيات الحياة..لهوبحق تجسيد للوحدة المعرفية والعاطفية للذات المبدعة.. إن العلاقة المتناغمة بين الإحساس العميق بالذات ومجالات الإبداع هي العامل الأساس الذي يحدد معرفة الفرد لذاته ويساعده ويلهمه للوقوف على معنى كيانه ..
يتطلب الإبداع الفني.. عمل الروح وشغفها بالجمال..وصدقها فيما تبدعه وتترجمه جهرا بعد أن كان في طي الكتمان ..بعد أن كان منزويا بركن دفين خلف الستار.. الإبداع مرتبط أساسا بالحب والصدق و بالتفاني الكبيرواللامشروط ..لأن الأعمال الفنية المبدعة تجعلنا ننظر إلى أعماق أعماق الوجود ..وخفايا خفايا الماوراء.
وتكمن قوة الفنان في حقيقة أن له القدرة على رؤية المعنى السامي في ما يبدوللناس على شاكلة هراء وخربشات لامفهومة..فهويتوقع ملامح وبوادرالنظام في الفوضى .. ويتنبأ بالانسجام في التنافر .. والإنسانية في الظهور غير الإنساني..تقف ذات الفنان كمنظومة فكرية مبدعة واثقة من نفسها ضابطة للتوازن الروحي في عيون الآخر.. ومحافظة على الانسجام والتناغم بين الطبيعي والاجتماعي..بين العقلاني والعاطفي ..بين اللاعقلي والمنطقي..بين الخيالي والواقعي.
إن التركيز على عوالمنا الداخلية هو الأساس المحوري للفن..بالمقابل صورة العالم الخارجي بالنسبة للفن والفنانين ليست غاية في حد ذاتها .. لكنها المسلك الوحيد الذي يمكننا من الانغماس في الوجود الإنساني.. الحقيقة الفنية ليست مجرد تطابق مع الواقع .. بل هي فوق التطابق وأسمى منه.. لأنها تتضمن المثال والأنموذج.
من أجل أن نكون متوازنين نحتاج إلى التعبير عن أنفسنا..لأنه من الصعب كبح مشاعرنا لفترة طويلة .. فبإمكان كتابة نص إبداعي أو خط معالم لوحة فنية ..أن تترجم قدرتنا وموهبتنا وطموحنا وهمومنا إبداعا.
28\01\2023