العصفور الذهبي..

العصفور الذهبي..

رسم العصفور قبلة على جبين الشجرة..

حلق في سماء الغاب..

بين غيمتين..بين غربتين..

ساعة الغروب اعتصر وحدته من عنقود النجوم..

نزل على بعد سحابتين..

خلسة ..خجلا..وجلا..

اعتنق الفجر بقوة الابتهال..

اعترضته سنديانة الحياة ..

خلفها الأشجار والأعشاب ..

وشردمة من وشاة الخفاء..

بقايا حطب..

حبات عنب.

قال العصفور:

بكثير من التغنج والرعشة..

الشوق لكم يعريني من الحقيقة..

يزرع البعد في طنين دمي..

وأنا سيد الغروب بالمساء..

وانا سيد التحليق بالسماء..

أردد  أهازيج الغياب.

ياأشجارفصولي الأربعة..

أشتهي خجل وردة..

رعشة غصن..

لحظة عواء الرياح..

وتحصيل الغلال..

بعد الشتاء الأولى..

أشتهي نفحة التراب .

قربان الصبر..سلال تفيض بندى الفجر..

 الذكريات تتخمر في ركن ركين من الذاكرة الميتة..

همس حفيف أوراقكم ..

يشدني إلى جدعكم الصامد أزلا..

ماهمه الخريف الآتي ..

كعابر يرتدي المجهول ممزقا..

أنا العصفور الذهبي..

أفرد جناحي..

يثقلني هواء الأيام..

يخنقني دخان الوقت المذاب.

تمتصني الوحدة الرتيبة..

تتوسطني سروة الذكرى..

شيء ما بداخلي الصغير..

 يحثني على سقي جدوركم بماء عيني..

بت أعشق ألمي ..

لأنه الصلة الوحيدة الشاهدة ..

على منابت العشق في أرض الأحباب.

هو ألم العاشق في صمت..

أشباح تطل من الذاكرة ..

تستنفر شياطين الإلهام ..

تذكي لفحات كلماتي الشرهة..

أنا العصفور الذهبي..

أفرد  جناحي..

للأعاصير..للأنسام ..للأمواج..

تصقلني الرياح كإسورة أميرة الغاب..

ترتج عيون الشطآن خلف نقاب.

أرتجف حينا..أزمجر حينا..

ثم أخبو بيني وبين ذاتي..

هل يسكنني عقاب الغياب..؟

هل حارس العشق يحاول إقفال الباب..؟

يحق لي أنا العصفور المهووس..

أن أنتحر قليلا..

أن أموت قليلا..

أن أدعو رب الأرباب.

 أجرب قطع  المعصم والشريان..

أتقاسم معكم شهقة الموت ..

أنا الظمأ..والظمأ أنا..

وبشراييني وأوردتي ..

دماء وماء..

من حضني تورق ألف شجرة بالعلياء..

الأشجار بمشاعري  ضرب إيقاع..

وخرير ماء..

من أين أبتكر الأبجدية ..

بعد وأد الحروف ..

من الألف إلى الياء..

ياكائن الغاب..

لماذا تصدني..؟

تمنعني من أعشاشي وأشجاري ..

من نسائم المساء..؟

لماذا تقفل في وجهي بوابة عمري..؟

تتركني خارجا  بروح تفتقد للروح..

تتركني بلا أنا..

سوى ذكرى في صدري تنبض بالحنين..

لمذا تحملني ثقل جناحين ..

وتكسرصبري إلى قطعتين..

كيف تدعو لإخماد ناري..

وأنت بالأصل توقدني جمرا..

تشعلني كلاما..

تضرمني حطبا.

تعبت من الطيران..من الدوران..

من التوهان..

هواجسي ..مخاوفي..

توحي لي بتحطيم مزمار الشيطان..

أنا في غربة ذاوية كشمس الخريف..

ضوع الياسمين وهسيس الغاب..

 في حالة كمون وصيام.

حرب العواطف ..مناوشات العشق..

حقبة ذهبية في تاريخي..

خسرت ماخسرت..

لكني خالد في ملامح الأشجار..

حتما ستشيخ أجنحتي..ويشيخ زمني..

لكن ذاكرتي لاتصدأ..

فأنا العصفور الذهبي.

أسامة الحنشي.