طنجة SKY / ICEالمكان : مقهى
الزمان :صباح الجمعة19\11\2021
..جلسة مكاشفة الذات
صبيحة هذا اليوم الذي ما تستقر شمسه بعنان السماء حتى يصبح في عداد الضحايا..ضحايا وقت في سجلات الزمن.. خرجت وفق لابرنامج ..لاوجهة معلنة سابقا..وإنما وجدت نفسي وبعد جولة بلا عنوان.. بلا هدف.. أدلف مقهى راقتني تمظهراته الحديثة..أخذت مكانا بزاوية قصية وجلست وماهي بعادتي الجلوس بالمقاهي وإنما كان فعلا اعتباطيا.. تمردا على عادة ..أو على الوقت ..أو حتى ربما على نمطية الحياة..سرعان ما زارني النادل بابتسامة واضحة لزوم إرضاء الزبائن..طلبت فنجان قهوة ..جلست بصحبة ذاتي ..أستمتع بجمالية المكان.. أتأمل المارين والجالسين..وعاصفة من الأسئلة تطارد شرودي..فانبرى ذلك الصوت الواثق من نفسه بنبرة حكيمة..وكأن الكلام ينبعث ذبذبات من جسدي ..قال :أيها الإنسان المتماهي..بدورة الفصول..الحالم بليل..التائه بنهار..الفنان المبدع..الشاعرالقادم من خلف الضباب.
لماذا تلاشياتك المستمرة المتطايرة نسيما..؟ لماذا بعثرتك للمشاعربقصد او من دونه..؟بوجهة معينة أو من دونها..؟لماذا هذا القرف؟لماذا هذا الخرف..؟لماذا هذه الأسئلة التي تتلاقح وتتناسل أسئلة؟ اعلم أن كل هذا الكون طريقك حيث لا طريق إلا أنت..ماتبحث عنه خارجا عن ذاتك على بعد مسافات لاتقاس ..ستجده بداخلك في كيانك..ترجمه لكتابات ..اعمل على تدوينه..اصنع تاريخا من أجل التاريخ.
قد تبحث عن لملمة تناقضاتك في الآخرين ..في الأشياء..في الجماد المتحول ..هؤلاء الأشخاص المارون أمامك كعزف لامنتهي وبخطوات متباينة بعضها حزين.. وبعضها سعيد ..وآخر نشاز.. وآخرجنون.. إنهم بالأول والأخير.. زمرة أشخاص بداخلهم أطفال فالانسان مهما كبر يظل بداخله طفل بطاقاته المتعددة التي تمكنه من النظر للتفاصيل الدقيقة وقد غمره الإحساس بالدهشة..أطل النظرإليهم ولتكن نظرات تأمل عميق.. تتوحد فيه النظرة بالمنظور ..والرؤية بالمرئي ..تأمل ببصيرتك.. اسمع خطواتهم بقلبك.. سكتشف طفولتهم الوديعة المشاغبة..تابع حركاتهم..تفحص وجوههم..انظر وثيرة خطاهم ..لا أطلب منك أن تقرأ نواياهم ..ولكن أحسن الظن بهم ..فكيف ماكان الحال فأنت واحد منهم..ولاتنس حقيقة واحدة ..قليلون الذين نضجوا..قد يكونوا كبروا سنا ومروا بتجارب حياتية أكثر.. لكنهم لم ينضجوا كفاية. والعيوب التي ربما أنت أكيد تسجلها عليهم فبالحقيقة هي عيوبك ..واجه نفسك بعيوبهم ..عيوبك..وافهم بأن كل ماتبحث عنه بأقاصي الغياب يوجد بين نبضاتك..بين أنفاسك..وإذا كان هذا التوهان في البحث وهذا الذوبان في الأسئلة..وهذا الانصهار في الوجدان..هو نتيجة بحث عن الحقيقة ..فالتدرك أن الحقيقة بداخلك ..بل أنت الحقيقة ..وماتراه هو عالم أشباح خلف ستارة شفافة ..لأنك ترى تمظهرا لا حقيقة..أحببت الياسمين وزرعته بكل أراضيك الوجدانية..لم تترك شبرا إلا وزرعت به الحب الأبيض الذي يفوح نسائم ورد ..وعطر ياسمين..لكن بلحظات تتحول حدائقك الى أرض يباس..أرض شاحبة..أرض قاحلة..أنت بهذه اللحظات بغاية السعادة..على الرغم من أن أشياء كثيرة لاتعجبك بالرغم من أهميتها و قيمتها في الحياة.. لا الغنى.. لا الجاه.. لا المنصب.. ولا المال.. وتلهث وراء حب الناس . أنت هادئ صابر.. متحمل لآلامك ومنزو في وحدتك.. في مواجهة دائمة لمخاوفك ..ابحث عن حقيقتك.. حقيقة رؤاك.. حقيقة مشاعرك .. واعلم أن الحقيقة موطنها القلب لا العقل فامنح قلبك فرصة الحديث.. فرصة الإفصاح ..فرصة البوح ..لاتحد من رغبته في محاولات احتواء يائسة.. ..فالقلب هو المركز.. هو الدليل الأول هوالأساس.. عارض نفسك صارعها ..قف بوجهها..تمرد عليها.. تحداها ..جابهها..مواجهة النفس دليل الجهاد وطريق الخلاص.. والقلب ينبوع النور..عين الحياة ..والحب هو أيسر طريق الى الله ..وعندما تشعر بالسعادة فاعلم أن أصابع الحب قد لامست فؤادك ..وختاما الحب هو الجسر الرابط بينك وبين كل الناس ..بينك وبين كل الكائنات ..بينك وبين الله.
كانت خلاصة حوار داخلي بيني وبين ذاتي…